كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ فَقَدْ سَهَا كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) الَّذِي بَيَّنَهُ السَّعْدُ سم وَقَدْ مَرَّ عَنْ الصَّبَّانِ آنِفًا بَيَانُهُ بِأَمْرَيْنِ، ثُمَّ رَدَّهُمَا.
(قَوْلُهُ مِنْ إلَهٍ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَصْلُهُ إلَهٌ إلَخْ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَمٌ بِالْوَضْعِ فَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِيهِ فَقِيلَ إنَّهُ مَنْقُولٌ أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ أَصْلٍ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ قَالَ الشَّيْخُ زَادَهْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمُشْتَقِّ فِي عِبَارَةِ مَنْ عَبَّرَ بِهِ لَا مُقَابِلُ الْأَعْلَامِ وَأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ مِنْ الْوَصْفِ. اهـ. وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ إلَى الْجُمْهُورِ غَيْرَ وَاحِدٍ كَالشَّرْوَانِيِّ فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ وَقِيلَ مُرْتَجَلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا اشْتِقَاقَ بَلْ هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ ابْتِدَاءً لِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْخَلِيلُ وَالْخَارِجِيُّ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَنَسَبَهُ إلَى سِيبَوَيْهِ وَأَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ كَمَا فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ عَلَى أَنَّهُ مَنْقُولٌ فَقِيلَ إنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ أَصْلٍ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَقِيلَ مِنْ لَاهَ يَلُوهُ لَوْهًا إذَا خَلَقَ، وَقِيلَ مِنْ لَاهَ يَلُوهُ لَيْهًا إذَا احْتَجَبَ أَوْ ارْتَفَعَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالٍ أُخَرَ وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ مِنْ أَلِهَ إذَا عَبَدَ وَأَصْلُهُ إلَهٌ كَفِعَالٍ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ كَثْرَةُ دَوَرَانِ إلَهٍ كَفِعَالٍ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ وَإِطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مُتَفَرِّعًا عَلَى عَلَمِيَّتِهِ فَهُوَ مُرْتَجَلٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ وَنُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ أَيْضًا وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَلِهَ أَيْ بِكَسْرِ اللَّامِ بِمَعْنَى تَحَيَّرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ إذَا تَحَيَّرَ إلَخْ) فَإِلَهٌ بِمَعْنَى مَأْلُوهٍ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ إذَا عَبَدَ فَإِلَهٌ بِمَعْنَى مَأْلُوهٍ كَكِتَابٍ بِمَعْنَى مَكْتُوبٍ صَبَّانٌ.
(قَوْلُهُ إذَا ارْتَفَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِلَهٌ بِمَعْنَى آلِهٍ اسْمِ فَاعِلٍ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْأَخْذُ مِمَّا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ نَظَرًا إلَخْ) عِلَّةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ طَرَفَيْ الْمُدَّعِي.
(قَوْلُهُ لِأَصْلِهِ) أَيْ أَصْلِ اللَّهِ وَهُوَ إلَهٌ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ عَرَبِيٌّ) خِلَافًا لِلْبَلْخِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ، وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الِاسْمَ الْكَرِيمَ عَرَبِيٌّ وَضْعًا وَقِيلَ عَجَمِيٌّ وَضْعًا، وَأَصْلُهُ قِيلَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَقِيلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ لَاهَا فَعُرِّبَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ الْأَخِيرَةِ وَإِدْخَالِ أَلْ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَانِيِّينَ أَوْ السُّرْيَانِيِّينَ يَقُولُونَ لَاهَا كَثِيرًا وَمَعْنَاهُ مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ كَوْنُهُ إلَخْ) أَيْ مَا قِيلَ فِي الْقُرْآنِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلَا بِدَعَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَمُشْتَقٌّ إلَخْ) كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ عَرَبِيٌّ لِمَا قَدَّمْنَا عَنْ الصَّبَّانِ عَنْ الشَّيْخِ زَادَهْ.
(قَوْلُهُ وَأَعْرَفُ الْمَعَارِفِ إلَخْ) فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك فَقَالَ خَيْرًا كَثِيرًا لِجَعْلِي اسْمَهُ أَعْرَفَ الْمَعَارِفِ نِهَايَةٌ.
(الرَّحْمَنِ) هُوَ صِفَةٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ جِدًّا ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الْبَالِغِ فِي الرَّحْمَةِ وَالْإِنْعَامِ بِحَيْثُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى وَغَلَبَةُ عَلَمِيَّتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِعْرَابِهِ بَدَلًا هُنَا لَا تَمْنَعُ اعْتِبَارَ وَصْفِيَّتِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ نَعْتًا بِاعْتِبَارِهَا لِوُقُوعِهِ صِفَةً وَلِكَوْنِهِ بِإِزَاءِ الْمَعْنَى وَمَجِيئِهِ غَيْرَ تَابِعٍ لِلْعَلَمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ، وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَعَدَمُهُ لِتَعَارُضِ سَبَبَيْهِمَا (الرَّحِيمِ) أَيْ ذِي الرَّحْمَةِ الْكَثِيرَةِ فَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْهُ بِشَهَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا» وَالْقِيَاسُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى غَالِبًا وَجُعِلَ كَالتَّتِمَّةِ لِمَا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِ الرَّحْمَةِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ دَقَائِقِهَا فَلَا يُسْأَلُ وَلَا يُعْطِي وَمِنْ حَيِّزِ التَّدَلِّي لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ كَالْعِلْمِ كَمَا تَقَرَّرَ وَكِلَاهُمَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ رَحِمَ بِكَسْرِ عَيْنِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ إلَى رَحُمَ بِضَمِّهَا أَوْ تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ وَالرَّحْمَةُ مَيْلٌ نَفْسَانِيٌّ أُرِيدَ بِهَا لِاسْتِحَالَتِهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى غَايَتُهَا مِنْ الْإِنْعَامِ أَوْ إرَادَتُهُ وَكَذَا كُلُّ صِفَةٍ اسْتَحَالَ مَعْنَاهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِأَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ تَوَهَّمَ إشْكَالَهُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ الْخَمْسَةِ وَلَا إشْكَالٌ لِأَنَّ مَا يَنْحَصِرُ فِي الْخَمْسَةِ هُوَ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ بِالصِّيغَةِ وَمَا هُنَا مِمَّا يُفِيدُهَا بِالْمَادَّةِ كَالْجُودِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ يُشْكَلُ الْحَصْرُ فِي الْخَمْسَةِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ نَحْوَ التَّرْحَالِ وَالتَّحْوَالِ وَالتَّرْدَادِ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي الْجَمْعِ مَصَادِرُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِيرِ (قُلْت) لَا إشْكَالَ لِأَنَّ تِلْكَ الْخَمْسَةَ لِأَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ لَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ) أَقُولُ أَوْ بِالنَّظَرِ لِعِلْمِيَّتِهِ الْغَالِبَةِ.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَعَدَمُهُ) هُمَا قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ) أَيْ لِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا فِي تَعَلُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدَّارَيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ أَحَدَهُمَا أَبْلَغُ وَأَزْيَدُ مَعْنًى.
(قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ) أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ دَقَائِقِهِمَا) مُقَابَلَتُهُ بِالْجَلَائِلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْجَلَائِلِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ حَيِّزِ التَّدَلِّي أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَالتَّتِمَّةِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَقُولُ وَلِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِي الْفَاتِحَةِ ثُمَّ طَرَدَ فِي غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ مَنْزِلَتَهُ) أَيْ فِي اللُّزُومِ وَقَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهَا أَيْ بِهَذَا الْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى كَثِيرِ الرَّحْمَةِ جِدًّا) اعْلَمْ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِأَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ وَقَدْ تُوُهِّمَ إشْكَالُهُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ الْخَمْسَةِ وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ مَا يَنْحَصِرُ فِي الْخَمْسَةِ هُوَ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ بِالصِّيغَةِ، وَمَا هُنَا مِمَّا يُفِيدُهَا بِالْمَادَّةِ فَإِنْ قُلْت قَدْ يُشْكِلُ الْحَصْرُ فِي الْخَمْسَةِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ نَحْوَ التَّرْحَالِ وَالتَّحْوَالِ وَالتَّرْدَادِ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي الْجَمِيعِ مَصَادِرُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِيرِ قُلْت لَا إشْكَالَ لِأَنَّ تِلْكَ الْخَمْسَةَ لِأَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ لَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَأُورِدَ عَلَى قَوْلِهِمْ مَوْضُوعَتَانِ لِلْمُبَالَغَةِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ صِيَغَ الْمُبَالَغَةِ مَحْصُورَةٌ فِي خَمْسٍ فَعَّالٍ وَمِفْعَالٍ وَفَعُولٍ وَفَعِلٌ وَفَعِيلٌ الْعَامِلُ نَصْبًا وَالصِّفَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ لَيْسَتَا مِنْهَا أَمَّا الرَّحْمَنُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الرَّحِيمُ فَلِأَنَّهُ هُنَا غَيْرُ عَامِلٍ نَصْبًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِي الْخَمْسَةِ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ كَوْنُهُمْ قَصَدُوا الْحَصْرَ فِي الْخَمْسِ الثَّانِي أَنَّ الْمُبَالَغَةَ هِيَ أَنْ تَنْسِبَ لِلشَّيْءِ أَكْثَرَ مِمَّا هُوَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي صِفَاتِهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا فِي نِهَايَةِ الْكَمَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ الْمُفَسَّرَةَ بِمَا ذُكِرَ هِيَ الْمُبَالَغَةُ الْبَيَانِيَّةُ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا حَتَّى يَتَوَجَّهَ الِاعْتِرَاضُ بَلْ الْمُرَادُ بِالْمُبَالَغَةِ هُنَا قُوَّةُ الْمَعْنَى أَوْ كَثْرَةُ أَفْرَادِهِ.
الثَّالِثُ أَنَّ وَضْعَهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ يُنَافِي كَوْنَهُمَا صِفَتَيْنِ مُشَبَّهَتَيْنِ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ لِلدَّوَامِ وَالْمُبَالَغَةُ كَثْرَةُ الْأَفْرَادِ الْمُتَجَدِّدَةِ أَقُولُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمَا صِفَتَيْنِ مُشَبَّهَتَيْنِ أَنَّهُمَا عَلَى صُورَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، وَبِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُرَادَ بِالدَّوَامِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِطَرِيقِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ مَا يَشْمَلُ دَوَامَ تَجَدُّدِ الْأَفْرَادِ، وَقَدْ رَجَّحَ الشِّهَابُ أَيْ الْخَفَاجِيُّ كَوْنَهُمَا مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَضَعَّفَ كَوْنَهُمَا مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ حَقِيقَةً بِمَا يَطُولُ فَانْظُرْهُ فِي حَوَاشِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ غَلَبَ إلَخْ) أَيْ غَلَبَةً تَقْدِيرِيَّةً.
(قَوْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ فِي الرَّحْمَةِ) أَيْ بِجَلَائِلِ النِّعَمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ غَايَتُهَا.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى) أَيْ وَتَسْمِيَةُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ مُسَيْلِمَةَ بِهِ تَعَنُّتٌ فِي الْكُفْرِ فَخَرَجُوا بِمُبَالَغَتِهِمْ فِي الْكُفْرِ عَنْ مَنْهَجِ اللُّغَةِ حَتَّى اسْتَعْمَلُوا الْمُخْتَصَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ إنَّهُ شَاذٌّ لَا اعْتِدَادَ بِهِ، وَقِيلَ الْمُخْتَصُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ وَمَذْهَبُ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى شَرْعًا قَالَ الصَّبَّانُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَغَلَبَةُ عَلَمِيَّتِهِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْمُقْتَضِيَةُ صِفَتُهُ وَقَوْلُهُ لَا تَمْنَعُ إلَخْ خَبَرُهُ.
(قَوْلُهُ بَدَلًا) أَيْ أَوْ بَيَانًا صَبَّانٌ.
(قَوْلُهُ اعْتِبَارَ وَصْفِيَّتِهِ) أَيْ الْأَصْلِيَّةِ.
(قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ صِفَةً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ هُوَ صِفَةٌ فِي الْأَصْلِ عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَكَوْنُ الرَّحْمَنِ صِفَةً هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِوُقُوعِهِ نَعْتًا، وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ الْبَالِغُ فِي الرَّحْمَةِ لَا الذَّاتُ الْمَخْصُوصَةُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَمًا لَأَفَادَ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ التَّوْحِيدَ صَرِيحًا كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَذَهَبَ الْأَعْلَمُ وَابْنُ مَالِكِ وَابْنُ هِشَامٍ إلَى أَنَّهُ عَلَمٌ أَيْ بِالْغَلَبَةِ كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَاسْتَدَلُّوا بِمَجِيئِهِ كَثِيرًا غَيْرَ تَابِعٍ كَمَا فِي: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ} {قُلْ اُدْعُوَا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ} {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اُسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ} وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُنْتِجُ أَعَمَّ مِنْ الْمُدَّعِي وَلَا يُنْتِجُ الْمُدَّعِي إلَّا بِمَعُونَةٍ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ وَلَا صِفَةٍ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الرَّصَّاعِ يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الِاسْمِيَّةُ، وَلَيْسَ بِعَلَمٍ كَأَبْطَحَ وَأَجْرَعَ وَالنَّعْتُ بِهِ بِاعْتِبَارِ وَصْفِيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا رَدُّ اسْتِدْلَالِهِمْ بِجَوَازِ تَبَعِيَّتِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ لِمَوْصُوفٍ مُقَدَّرٍ لِجَوَازِ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ إذَا عُلِمَ فَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ حَذْفَ الْمَوْصُوفِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذِكْرِهِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِكَثْرَةِ مَجِيئِهِ غَيْرَ تَابِعٍ. اهـ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَجِيءَ الرَّحْمَنِ غَيْرَ تَابِعٍ دَلِيلٌ وَمُقَوٍّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَعْلَمُ وَمَنْ مَعَهُ الَّذِي إلَيْهِ مَيْلُ كَلَامِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ فَرَدُّ الشَّارِحِ لَهُ بِأَنَّهُ لِلْعِلْمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ لَوْ سُلِّمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ.
(قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِحَذْفِ مَوْصُوفِهِ) أَقُولُ أَوْ بِالنَّظَرِ لِعِلْمِيَّتِهِ الْغَالِبَةِ سم.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَعَدَمُهُ) هُمَا قَوْلَانِ سم فَمَنْ يَقُولُ إنَّ شَرْطَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ فِي الصِّفَةِ انْتِفَاءُ فَعْلَانَةَ يَمْنَعُ صَرْفَهُ وَمَنْ يَقُولُ إنَّهُ وُجُودٌ فِعْلِيٌّ يَصْرِفُهُ قَالَ الصَّبَّانُ، وَالتَّحْقِيقُ الَّذِي اخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَالْبَيْضَاوِيُّ أَنَّ رَحْمَنَ مُجَرَّدًا مِنْ أَلْ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْغَالِبِ فِي بَابِهِ قَالَ السُّيُوطِيّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ فِي النَّحْوِ، وَمَالَ السَّعْدُ إلَى جَوَازِ صَرْفِهِ وَعَدَمِهِ عَمَلًا بِالْأَمْرَيْنِ قَالَ الْعِصَامُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ اشْتَبَهَ حَالُ رَحْمَنَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالْبَيَانِ حَتَّى بَنَوْا أَمْرَهُمْ فِيهِ عَلَى الْمَعْقُولِ، وَلَمْ يَعْثُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمَنْقُولِ، وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ الْمَعْمُولِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ قُلْت: كَأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوهُ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا نُقِلَ عَنْ الْعَرَبِ إلَّا مُعَرَّفًا بِاللَّامِ أَوْ مُضَافًا أَوْ مُنَادَى. اهـ. وَأَمَّا وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْت رَحْمَانَا فَلَا شَاهِدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ فَتَكُونُ أَلِفُهُ لِلْإِطْلَاقِ وَالصَّرْفَ فَتَكُونُ أَلِفُهُ بَدَلًا مِنْ التَّنْوِينِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ إلَخْ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى إطْلَاقِ تَفْسِيرِ الرَّحِيمِ وَتَقْيِيدِ تَفْسِيرِ الرَّحْمَنِ بِقَوْلِهِ جِدًّا، وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ بِشَهَادَةٍ إلَخْ الْوَاوُ بَدَلُ الْفَاءِ كَمَا فِي غَيْرِهِ لِئَلَّا تَتَوَارَدَ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِلَا تَبَعِيَّةٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا فِي تَعَلُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدَّارَيْنِ لَا يُنَافِي أَنَّ أَحَدَهُمَا أَبْلَغُ وَأَزْيَدُ مَعْنًى سم عِبَارَةُ الصَّبَّانِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أَبْلَغِيَّةُ الرَّحْمَنِ بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِ فَقَطْ، وَأَنَّهُ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ إنْعَامُهُ بِالنِّعَمِ الْعَظِيمَةِ رَحْمَنُ وَمِنْ حَيْثُ إنْعَامُهُ بِمَا دُونَهَا رَحِيمٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَفْسِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الرَّحْمَنَ بِالْمُنْعِمِ بِجَلَائِلِ النِّعَمِ وَالرَّحِيمَ بِالْمُنْعِمِ بِدَقَائِقِهَا وَبَعْضِهِمْ الرَّحْمَنَ بِالْمُنْعِمِ بِمَا لَا يُتَصَوَّرُ جِنْسُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَالرَّحِيمَ بِالْمُنْعِمِ بِمَا يُتَصَوَّرُ جِنْسُهُ مِنْهُمْ. اهـ.